السبت، 31 مارس 2012

واقع التعليم الألكتروني في مصر وفي أي مرحلة نقف


¬  واقع التعليم الألكتروني في مصر وفي أي مرحلة نقف
     شهد التعليم الإلكتروني في الأعوام العشر الماضية الكثير من التطورات عالمياً ومحلياً، وتحول من مجرد فكرة خيالية إلى واقع عملي يساهم في التنمية البشرية وتطور عملية التعليم في الكثير من دول العالم. وبدأت مشروعات التعليم والتدريب الإلكتروني في الظهور أيضاً في العالم العربي في الأعوام الخمس الماضية بسرعة متزايدة تحاول اللحاق بركب التقدم العلمي والتقني في هذا المجال.

وفي هذا المقال محاولة للتعرف على التطورات المتوقعة في هذا المجال في العام الجديد وما سيليه من أعوام سواء على المستوى العالمي أو على المستوى العربي. إن هذا المقال يحمل نظرة استشرافية للمستقبل قد تخطئ وقد تصيب، ولكنها بالتأكيد ستوسع من آفاق التعرف على أنماط ومستقبل هذا النظام الجديد من أنظمة تبادل المعارف والعلوم والاستفادة منها لكل شعوب الأرض.

أين نحن الآن:

ولعله من المناسب قبل الحديث عن التطورات العالمية والعربية المتوقعة في مجالات وأنظمة التعليم والتدريب الإلكتروني أن نتحدث أولاً عن الواقع الحالي لهذه الأنظمة عربياً وعالمياً حتى تتضح صورة الواقع الحالي وآفاق المستقبل.
حول ما تشهده منظومة التعليم العالي في الوقت الراهن تستحق الدراسة والاهتمام وهي:
أولا: اتفقت معظم الدراسات التحليلية في مجال التعليم الجامعي علي أن تنوع نظم التعليم العالي وبرامجها الأكاديمية يمثل إحدي السمات المميزة للألفية الثالثة. وهذا التنوع يتضمن النظم والبرامج الأكاديمية وأنماط التعليم والتعلم وأساليب التدريس والتكنولوجيا المستخدمة والدور البحثي للجامعات وهيكل ملكية الأصول وقد صاحب هذا التنوع في النظم والبرامج تباين مماثل في أنماط التمويل وأساليبه وقد أكدت العديد من الدراسات التحليلية المعدة من قبل البنك الدولي ومنظمة اليونسكو أن تنويع مصادر تمويل الجامعات العامة يمثل ضرورة يفرضها الوضع الراهن لنظم التعليم العالي ويعكس أحد متطلبات تحقيق استدامة الموارد المالية كما تفيد المؤشرات الدولية للتعليم العالي ـ في بداية الألفية الثالثة ـ أن معدلات التسجيل في النظم غير الجامعية تنمو بمعدلات أعلي من معدلات التسجيل في الجامعات التقليدية حيث ظهرت أنواع متعددة للمؤسسات غير الجامعية مثل المعاهد الفنية والتكنولوجية العالية والمعاهد المهنية المتوسطة( عامين دراسيين) بالإضافة إلي المؤسسات التي تقدم خدمات التعليم من بعد والتعلم مدي الحياة وبرامج تعليم الكبار.
ثانيا: برغم هذا التنوع غير المسبوق في النظم والبرامج علي المستوي العالمي فإنه يتعين أن يكون لكل دولة رؤية تعليمية متكاملة تتحدد من خلال تبني نموذج تعليمي يتواءم مع طبيعة نظامها الاقتصادي والاجتماعي ويحقق أهدافها الإنمائية في مجال التنمية البشرية, ومن الطبيعي أن يرتبط النموذج التعليمي المختار بنظام محدد لتمويله يرتكز علي عدد من المعايير الحاكمة التي تنبثق عن استراتيجية تعليمية علي درجة عالية من الاتساق والشمول.
ثالثا: يتسم النظام الجامعي في مصر بعدم وضوح النموذج التعليمي الذي يعكس طبيعة الدولة ونظامها السياسي والاقتصادي وتوجهاتها في مجالات التنمية البشرية حيث تتعدد الأنظمة والبرامج والهياكل الأكاديمية في الجامعة الحكومية الواحدة فالجامعات الحكومية لابد أن تتضمن معظم التخصصات العلمية ـ دون النظر إلي التميز النسبي لكل منها أو إمكاناتها العلمية والتنظيمية ـ ويوجد بها أنواع متعددة من النظم التعليمية وأشكال مختلفة من الهياكل التمويلية ومن ثم مستويات متباينة من جودة العملية التعليمية.
وقد شهدت ساحة التعليم العالي في السنوات العشر الأخيرة سباقا بين الجامعات الحكومية لإنشاء وحدات خدمية ذات طابع خاص ومراكز للتعليم المفتوح وشعب للغات وبرامج أكاديمية مشتركة مع العالم الخارجي ثم أخيرا البرامج الجديدة وقد شجعت الدولة هذا التوجه نظرا لقدرته علي توفير موارد ذاتية إضافية للجامعات بما يخفف الأعباء المالية علي ميزانية الدولة وقد ساهم هذا النمو_ غير المخطط_ في البرامج التعليمية وتعدد أنماطها وهياكلها الأكاديمية وبدائل تمويل أنشطتها داخل الجامعة الحكومية الواحدة إلي دخول منظومة التعليم العام في منطقة ضبابية تتسم بعدم وضوح الرؤية بالنسبة للتوجهات والأهداف الرئيسية التي أنشئت من أجلها الجامعات الحكومية, ودورها في إتاحة فرص التعليم العالي للجميع وعدالة توزيع خدماته وفق معايير الجودة المرغوبة بغض النظر عن القدرة المالية للطلاب.
ويضيف الدكتور معتز خورشيد قائلا: إنه في اعتقادي أن ما يتم بالجامعات الحكومية نتج عن عدم وجود توجه عام حاكم أو نموذج تعليمي طويل الأجل يعكس طبيعة منظومة التعليم وتسعي الحكومات المتوالية إلي تحقيقه في مصر إذ إنه في ظل تراجع التمويل الحكومي لجأت الجامعات ـ في سعيها إلي استكمال التمويل المطلوب ـ إلي إنشاء العديد من الوحدات المولدة للدخل وإتاحة الدولة ـ في نفس الوقت ـ لإنشاء جامعات خاصة وأهلية أي أن الحاجة إلي التمويل في ظل غياب نموذج تعليمي طويل الأجل واستراتيجية شاملة لتنمية الموارد البشرية والتزايد غير المنضبط في أعداد الطلاب, قد أدي إلي وجود هذا الخلل الهيكلي في المنظومة التعليمية.
وبالإضافة إلي وعدم وضوح الرؤي علي المستوي الاستراتيجي فإن نظام التعليم العالي بمصر يتسم ـ في الوقت الراهن ـ بوجود عدد من الاختلالات في هيكله والتشوهات في بنيته الأساسية بما يهدد جهود الإصلاح الراهنة.
أولا: الاختلال بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل يعتبر الاختلال بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل من أهم المشاكل الهيكلية التي يتعين التصدي لها من قبل متخذ القرار التعليمي من خلال إعداد خريج قادر علي التفاعل مع متطلبات عصر العلم والمعرفة وديناميكية أسواق العمل.
ثانيا: الازدواجية بين الجامعات الخاصة والعامة: تعاني منظومة التعليم من اختلال رئيسي يتمثل في الازدواجية(Duality) بين الجامعات العامة ومؤسسات التعليم العالي الخاصة
حيث تعاني الجامعات الخاصة من نقص في مواردها البشرية من هيئة التدريس والهيئة المعاونة في حين تمتلك الجامعات الحكومية كوادر تعليمية وبحثية أكثر عددا وقدرة علمية وتنوعا أكاديميا كما تشهد منظومة التعليم المصري تباينا واضحا في معدلات الأجور المطبقة بالجامعات الحكومية والخاصة وتتسم الجامعات الخاصة بوفرة مواردها المالية مع تواضع أعداد الطلاب بها بينما تعاني الجامعات الحكومية من تكدس في أعداد طلابها ونقص في مواردها المالية المتاحة.
ثالثا: اختلال العلاقة بين أعداد الطلاب والإمكانات التعليمية: تواجه الجامعات الحكومية مشكلة هيكلية رئيسية تتمثل في اختلال العلاقة بين أعداد الطلاب والإمكانات المتاحة من قاعات تدريسية ومعامل بحثية وأجهزة علمية ومكتبات رقمية ووسائل تدريبية.
رابعا: الاختلالات المالية.. تعاني الجامعات المصرية ـ في معظمها ـ من اختلالات مالية هيكلية علي مستويات متعددة فالجامعات الحكومية تعاني ـ بشكل أساسي ـ من عدم الاتساق بين إيراداتها الذاتية وما توفره الحكومة لها من دعم مالي وعلي مستوي آخر فإن ميزانية الجامعات المصرية تتضمن عدم اتساق في توزيع بنودها علي عناصر الإنفاق.
خامسا: البرامج والشعب الجديدة تؤدي البرامج الجديدة بالجامعات الحكومية ـ التي بدأ تطبيقها في الآونة الأخيرة بغية توفير موارد ذاتية إضافية للجامعة ـ إلي وجود أنماط أو نظم تعليمية متباينة داخل الكلية الواحدة تختلف في مستوي جودة الخدمة التعليمية وأساليب التدريس والتكنولوجيات المستخدمة ومستويات الإشراف العلمي والإرشاد الأكاديمي.
سادسا: الاختلال في مهام الجامعة تسعي الجامعات الحكومية ـ في نفس الوقت الراهن ـ إلي التوسع غير المدروس في التخصصات العلمية وإنشاء العديد من الكليات والمعاهد البحثية دون توافر المقومات الأساسية المطلوبة لتحقيق هذا التوسع.

تجارب مصر في مجال التعليم الإلكتروني:
* تم توقيع بروتوكول مع وزارة التربية بغرض محو أمية استخدام الحاسوب و الأنترنيت لخرجي الإعدادية، إضافة إلى ذلك تم ربط 12 مدرسة بخدمة الأنترنيت المجانية كما تم إنشاء نموذج جديد (غير هادف للربح) للتعليم الإلكتروني. و تمت الموافقة على إنشاء الجامعة المصرية للتعليم الإلكتروني على أن تبدأ الدراسة اعتبارا من العام الجامعي 2007/2008، كما قدم صندوق تطوير التعليم موافقته على إنشاء عدد من المدارس التكنولوجية، إضافة إلى ذلك تم افتتاح شبكة معلومات الجامعات المصرية بعد تطويرها و إدخال أحدث التقنيات التكنولوجية.

التطورات العالمية:
قام الباحثون والمهتمون بمجال التعليم والتدريب الإلكتروني في العقد الماضي بالعديد من الخطوات البحثية والتقنية والعلمية الهامة في هذا المجال لتحويله من مجرد فكرة إلى واقع تعليمي يمارس من قبل مئات الجامعات والمعاهد ومؤسسات التعليم في العالم أجمع. وقد بدأ العمل في هذا المجال بتحويل المقررات الدراسية أو المواد التدريبية إلى "وحدات تعليمية" أو ما يسمى بـ Learning Objects.

ثم قام المتخصصون في هذه المجالات بتحويل هذه الوحدات التعليمية إلى وحدات تعليم إلكتروني يمكن أن تبث عبر شبكات الإنترنت، وتجمع مع بعضها البعض لتكون مواد دراسية ثم مقررات كاملة تهدف إلى تقديم مادة علمية متكاملة للمتعلم.

قامت بعد ذلك جهات مراقبة الجودة والاعتماد بوضع العديد من النظم العلمية والقواعد المنظمة لعملية تحويل الوحدات التعليمية التقليدية إلى وحدات تعليم إلكتروني تخضع لمعايير الجودة المعتمدة كنظام سكورم SCORM مثلاً، وهو نظام يضمن معايير جودة محددة للمادة التعليمية الإلكترونية.

تلى ذلك تطوير برامج إلكترونية تنظم المحتوى وتسهل بثه عبر شبكات الإنترنت، وتعين المدربين والمعلمين على تطوير وتجديد المحتوى بسهولة. وهذه البرامج أصبحت جزءاً أساسياً من عملية التعليم والتدريب الإلكتروني، واصطلح على تسميتها "أنظمة إدارة التعلم" أو Learning Management System [LMS].

وأصبح واقع التعليم والتدريب الإلكتروني في الفترة الأخيرة يركز على مقررات تعليمية ومواد تدريبية كاملة تقسم إلى وحدات تعليمية محددة متوافقة مع أنظمة الاعتماد والجودة الخاصة بالتعليم الإلكتروني، وتبث عبر الإنترنت من خلال الاستعانة ببرامج "أنظمة إدارة التعلم". ويعيب هذا الواقع حالياً أن هذه المقررات قد طورت من نظم تعليم تقليدي، وبالتالي فقد بنيت على افتراض أن التعلم يتم من خلال مواد محددة ومقررة سلفاً تدرس من قبل أستاذ أو مدرب تبعاً لمنهج محدد لابد من إتمامه في إطار زمني مقنن.

وقد تبنت العديد من الجامعات العالمية المعروفة نظام التعليم الإلكتروني ضمن طرق التدريس المعترف بها، كما بدأ العديد من مراكز التدريب الكبرى عالمياً في توفير البرامج التدريبية عن طريق الشبكات الإلكترونية. وبدأ التعليم والتدريب الإلكتروني في الانتشار والحصول على القبول العام عالمياً خلال السنوات الماضية، وخاصة مع توفر وانتشار شبكات الإنترنت فائقة السرعة ADSL. ظهر كذلك العديد من المؤتمرات المتخصصة في هذا المجال، وكذلك الجمعيات الدولية المهتمة بتمثيل والدفاع عن مصالح العاملين في مجال إعداد وتطوير وتقديم برامج وأنظمة التعليم والتدريب الإلكتروني.
توقعات المستقبل عالميا:
ترتبط التغيرات المتوقعة في مجال التعليم والتدريب الإلكتروني بعدد من المتغيرات الأساسية من بينها طبيعة الشخص المستخدم للإنترنت والتطورات التقنية وتسارع وتيرة تبادل المعارف والعلوم، وعدد آخر من المتغيرات.

1. تغير طبيعة المتعلم
لقد لاحظ الباحث الكندي المعروف ستيفن داونز أن هناك تغيراً ملحوظاً يحدث بين المستخدمين للإنترنت مع مضي الوقت، ومع كثرة استخدام الإنترنت والتآلف معها. وفي محاولة لرصد هذه التغيرات وعلاقتها بعملية التعليم الإلكتروني يلخص الباحث أهم سمات هذا التغير قائلاً: "إن المستخدمين الجدد للإنترنت يتعاملون مع التعلم ومع العمل بطرق جديدة ومختلفة. فهم يستوعبون المعارف بسرعة أكبر عن طريق الصورة والصوت والمادة المكتوبة أيضاً، وهم يتلقون المعارف من مصادر متعددة في الوقت نفسه، ويعملون بسرعة وكفاءة عالية، ويتوقعون التواصل الدائم والمستمر والفوري مع الأصدقاء والزملاء والعملاء سواء ممن يقطنون قريباً منهم أو حول العالم، وهم أخيراً يهتمون بإضافة أفكارهم ومشاركاتهم إلى المحتوى المتاح للجميع من خلال الشبكة، وقد يفضلون الحصول على ما يحتاجون من معرفة من الشبكة ولا يهتمون باقتناء كتاب أو قرص مغناطيسي".

وهذه التغيرات في طبيعة المستخدم لابد أن تواكبها تغيرات مماثلة في أنظمة التعليم التي تهدف لمخاطبة هذا المستخدم. ومن المتوقع أن تتطور برامج التعليم والتدريب الإلكتروني في الأعوام القادمة لتقدم المعارف من خلال وسائل تعليم تفاعلية متجددة، وأن تسمح للمتعلم أو المتدرب من المشاركة في تطوير المادة التعليمية، ومن التواصل كذلك مع المتدربين والمتعلمين ومع من يقدمون المادة العلمية كذلك.

2. اختلاف محاور ارتكاز التعليم والتدريب

وجد المتعلمون من خلال نظام التعليم الإلكتروني أنهم يتعلمون من بعضهم البعض عن طريق الشبكة الكثير من المعلومات والمعارف، وقد تكون أكثر مما يتعلمونه بطرق التعليم والتدريب التقليدية. بدأ تبعاً لذلك تحول محور ارتكاز العملية التعليمية والتدريبية من المدرس والمدرب إلى المتعلم والمتدرب. وهذا التغيير سيلقي بظلاله وتبعاته على عملية التعليم والتدريب الإلكتروني في الأعوام القادمة. وسيعني هذا أن المتعلم والمتدرب سيتولى في المستقبل التحكم في العملية التعليمية بشكل أكبر من المتاح له حالياً أو المتعارف عليه عالمياً.

ومن المتوقع أن يحدث تحول جذري في الصورة التقليدية للمدرب أو المعلم، وسيتلاشى تدريجياً الفارق الضخم في القدرة على التحكم في العملية التعليمية بين الأستاذ وبين المتعلم، وهو ما سيغير من الأجواء الثقافية المرتبطة بعملية التعليم والتدريب، ويحولها من الإطار الأكاديمي التقليدي إلى إطار أقرب إلى التعامل بين مقدم خدمة وعميل..أي أن إرضاء العملاء (المتعلم المتدرب) قد يصبح أحد أهم واجبات النظام التعليمي الإلكتروني في المستقبل.

3.تطور معنى التعلم

ارتبط التعلم في العقود الماضية بفكرة جمع المعلومات بشكل تدريجي والاستفادة منها تراكمياً في تحسين فرص العمل أو الحياة. ومع تعقد الحياة وتزايد المعارف، وتوفر مئات الملايين من الصفحات والبحوث على شبكة الإنترنت بالكثير من اللغات، ومجاناً في الكثير من الأحيان، بدأ يحدث نوع من التغير في طبيعة تلقي المعارف، وازداد هذا التغير بشكل واضح مع تزايد الاعتراف والاعتماد على التعليم الإلكتروني.

لقد أصبح الحصول على المعلومة ليس هاماً بذاته ولا يمثل في الحقيقة تعلماً - فالمعلومة متاحة للجميع وفي كل وقت، والحصول عليها سهل ويسير. إن التعلم بدأ ينحى إلى التعرف على العلاقات بين المعارف، وربط الصلات بين الحقائق المختلفة المتاحة للجميع من أجل إدراك معان جديدة أو تطوير قدرة الإنسان على الاستفادة من المعارف في العمل والحياة.

لقد كان التعلم في الماضي يركز على إدراك المعاني للأشياء والأحداث، أما اليوم فإن القدرة التنافسية ترتبط أكثر بإدراك العلاقات بين المعارف. إن التعلم يتحول تدريجياً وعالمياً من جمع المعلومات وفهم المعاني إلى إدراك وترتيب العلاقات بين المعارف والأحداث للوصول إلى معاني جديدة تسمح بالتنافس والتقدم في الحياة والعمل.

4. مجانية المعارف
اتاح توفر المعلومات بكثرة وكثافة عبر شبكات الإنترنت إلى ظهور موجة جديدة تهدف للفصل بين الحصول على المعرفة وبين الحصول على الشهادة. يرى القائمون على هذا الفكر الجديد أن الحصول على العلم يجب أن يكون متاحاً للجميع، وأن يكون مجانياً أيضاً، وأن التعليم الإلكتروني سيساهم في ذلك لأنه يرتبط بالإنترنت التي توفر المعلومة والمعرفة مجاناً لمن يملك استخدام هذه الوسيلة. أما الحصول على الشهادة الأكاديمية أو المهنية فهو الذي ينبغي أن يدفع فيه المال. ويمثل هذا التيار الذي يسعى إلى "التعليم المفتوح والمصادر المفتوحة" أو Open Source & Open Course قوة لا يستهان بها في مجالات التعليم الأكاديمي عالمياً في الأعوام الأخيرة. وقد بدأ انتشار الحديث عن أهمية هذا الأمر حتى على المستوى العربي في العامين الأخيرين.

ولابد من القول هنا أن العلوم كانت دائماً متاحة بالمجان بين البشر، وأن ما حدث من تحول العلم إلى سلعة يتم تقاضي المال مقابلها هو حدث عارض في تاريخ البشرية، ولذلك فلا غرابة في العودة إلى إتاحة المعارف للبشر دون مقابل، وسيكون التعليم الإلكتروني هو أهم وسائل توفير هذه المعارف والعلوم المختلفة لكل الناس في أي وقت وفي أي مكان وبأي لغة.

توقعات التطور المستقبلي عربياً:

يواكب التطورات العالمية في مجالات الإنترنت وأنظمة التعلم والتدريب الإلكترونية العديد من التطورات العربية في نفس المجال سواء في نشأة الشركات المتخصصة في التعليم والتدريب الإلكتروني، أو في الاهتمام الحكومي والأكاديمي باعتماد ومراقبة جودة هذه الأنظمة التعليمية، أو برصد الميزانيات الكبيرة لتطوير التعليم الجامعي، وتنمية مهارات المدرسين والمدربين وأعضاء هيئات التدريس. ومن المتوقع عربياً أن تشهد الأعوام القادمة العديد من التطورات التي يمكن إجمالها فيما يلي:

المزيد من القبول العام

يتوقع أن يشهد العام الجديد والأعوام التالية له المزيد من القبول العام للتعليم الإلكتروني كأحد أنظمة التعليم المتممة للعملية التعليمية التقليدية والمساندة لها من ناحية، وكذلك قبوله كنظام مستقل قائم بذاته في مجالات التعليم المستمر وتطوير المهارات الشخصية والعملية لمراحل ما بعد التعليم العام والجامعي. كما أنه من المتوقع أن تقوم الحكومات العربية بوضع أسس اعتماد هذا النظام من أنظمة التعليم مما سيعطيه القبول اللازم بين الطلاب وبين الأسر العربية التي تنفق الكثير من المال والجهد لتعليم أبنائها، وترغب أن يكون هذا التعليم متميزاً ومعترفاً به.

كما أن حملات التوعية بأهمية التعليم وضرورة الأخذ بأحدث الطرق العلمية والتقنية في التعلم والتدريب المستمر ستساهم في إعطاء دفعة قوية للتعليم والتدريب الإلكتروني في المنطقة العربية.

الاهتمام بالاعتماد والجودة:

يعاني العالم العربي حالياً من عدم وجود آلية عربية لتقييم واعتماد والتحكم في جودة البرامج التعليمية الإلكترونية. ومن المتوقع أن تشهد الأعوام القادمة تغير ذلك من خلال جهود اتحاد الجامعات العربية في ذلك، وكذلك تزايد الرغبة في تقديم التدريب الإلكتروني المتعمد لدى الشركات، ورغبتها في ربط هذا النظام من أنظمة التدريب بنظم مراقبة واعتماد الجودة العالمية.

نشأة الجمعيات والمؤتمرات المتخصصة:

من المتوقع أن تشهد الأعوام القادمة تكون مجتمع خاص للعاملين في مجال التعليم والتدريب الإلكتروني من خلال نشأة الجمعيات الأكاديمية والمنظمات العربية التي ستهتم بالتعليم والتدريب الإلكتروني، وكذلك المزيد من المنتديات والمؤتمرات التي ستهتم بهذا المجال. ورغم أن العالم العربي به العديد من المؤتمرات التي تتناول موضوعات التعليم والتدريب الإلكتروني، إلا أنها في أغلبها إما محلية الطابع أو محدودة الاهتمامات، أو تعاني من قلة الحضور بين المتخصصين. كما أن معظم هذه المؤتمرات تقدم برامجها باللغة الإنجليزية وهو ما يحرم معظم المهتمين من المشاركة الفعالة في هذه الفعاليات.

ولذلك من المتوقع في الأعوام القادمة ظهور مؤتمرات عربية كبيرة في هذا المجال، ونشأة جمعيات أكاديمية ومنظمات عربية تعنى بشؤون التعليم والتدريب الإلكتروني.


تطور برامج التدريب الإلكتروني:
يستشهد الأعوام القادمة تطورات كبيرة في تقبل الشركات العربية للتدريب الإلكتروني بديلاً عن التدريب التقليدي أو متمماً له لتقليل التكاليف وهدر الوقت والمصروفات لجمع المتدربين في مكان واحد للحصول على التدريب. ويلاحظ تزايد اهتمام الشركات العربية مؤخراً بتدريب العاملين وتطوير مهاراتهم، وكذلك اهتمام الأفراد بتنمية قدراتهم للمنافسة في سوق العمل العربي الذي أصبح عالمياً بسبب العولمة واتفاقيات التجارة الحرة، وغير ذلك من التغيرات الاقتصادية التي فرضت نفسها على الموظف العربي.



خاتمة:
إن التقدم التقني سيساهم في تيسير تبادل وتطوير العلوم والمعارف مما سيدفع التعليم والتدريب الإلكتروني قليلاً إلى الأمام في الأعوام القادمة. أما النقلة الحقيقة في هذا النظام الجديد فستحدث نتيجة التغيرات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بمستخدمي شبكة الإنترنت وسرعة تطورهم واستيعابهم للعلوم والمعلومات. وهذا العامل الاجتماعي سيتسبب في نقلة سريعة ومفاجئة ليس فقط في قبول واستخدام أنظمة التعليم والتدريب الإلكترونين ولكن الأهم هو في طريقة عمل هذه الأنظمة وأسلوب تبادل المعارف من خلالها. ونأمل أن تكون المشاركة العربية في خلال الأعوام القادمة ملحوظة أكثر ومؤثرة بشكل أكثر فعالية لضمان تمثيل مصالح العالم العربي في عالم ماتت فيه المسافات، وتحول إلى جيران ملاصقين لنا يؤثرون علينا ويمكن أيضاً أن يتأثرون بنا

¬دراسات تحدثت عن التعليم الالكتروني في  مرحلة التعليم العالي
ý    دراسة الحربي (١٤٢٧ هـ )
هدفت هذه الدراسة إلى : تحديد مطالب استخدام التعليم الإلكتروني اللازم توفرها في كل من ( منهج الرياضيات في المرحلة الثانوية، معلم الرياضيات للمرحلة الثانوية، البيئة التعليمية) من وجهة نظر المختصين، و تحديد مطالب استخدام التعليم الإلكتروني اللازم توفرها في كل من ( منهج الرياضيات في المرحلة الثانوية، معلم الرياضيات للمرحلة الثانوية، البيئة التعليمية) من وجهة نظر الممارسين، و التعرف على مدى وجود اختلاف بين درجة أهمية و توفر مطالب استخدام التعليم الإلكتروني في كل من وجهة نظر الممارسين للكشف عن واقع ممارسة التعليم الإلكتروني، و التعرف على مدى وجود فروق بين استجابات عينة الدراسة .
وتكونت عينة الدراسة من ٨٦ مختصاً و ٣٠ ممارساً للتعليم الإلكتروني، واستخدم الباحث
الاستبانة أداة للدراسة، وأهم النتائج التي أسفرت عنها الدراسة :
- جاءت موافقة المختصين على معظم مطالب المنهج الإلكتروني بدرجة عالية جدًا.
- جاءت موافقة المختصين على معظم مطالب إعداد وتدريب معلم الرياضيات لاستخدام التعليم الإلكتروني بدرجة عالية جدًا.
- جاءت موافقة المختصين على معظم مطالب البيئة التعليمية لاستخدام التعليم الإلكتروني بدرجة عالية جدًا.
- جاءت موافقة الممارسين على درجة أهمية وتوفر معظم مطالب المنهج الإلكتروني بدرجة عالية، كما أظهرت نتائج الدراسة وجود اختلافات ذات دلالة إحصائية عند مستوى ٠.٠١ بين متوسط درجة أهمية مطالب المنهج الإلكتروني ومتوسط درجة توفرها من وجهة نظر الممارسين لصالح الأهمية في جميع الأبعاد وفي الدرجة الكلية.

¬  دراسة الموسى ( ٢٠٠٧ م)
هدفت هذه الدراسة إلى معرفة متطلبات التعليم الإلكتروني في العملية التعليمية، وقد استخدم الباحث منهج الاستقصاء من خلال تحليل وتركيب نتائج عديدة من الدراسات والكتابات السابقة، هذا وقد خلصت الدراسة إلى أن هناك عدم اتفاق بين المهتمين في مفهوم التعليم الإلكتروني، فبعض الباحثين اكتفى باعتباره وسيلة مساعدة في طريقة التدريس باستخدام التقنية ، أما الفريق الآخر فيرى أن مفهوم التعليم الإلكتروني يشمل
عناصر العملية الأخرى كاملة. أما في مجال الأجهزة والأدوات والتجهيزات فقد خلصت الدراسة إلى وضع العناصر الأساسية للبنية التحتية ، وفي مجال المناهج وصلت الدراسة إلى أن هناك معايير خاصة للمناهج الإلكترونية يجب إتباعها عند تصميم المناهج الدراسية المستخدمة في التعليم الإلكتروني. وفي مجال المعلم أثبتت الدراسة أن تدريب المعلم والمتعلم على التقنيات الجديدة وعلى استراتيجيات التدريس يعد مطلباً أساسيا للعملية التعليمية، أخيرًا اتضح من خلال البحث أن البيئة التعليمية الإيجابية ضرورية لكل تغيير وخاصة في مجال التقنيات واستخدامها في التعليم.
¬  دراسة يماني ( ١٤٢٧ هـ )
هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على قدرة التعليم الإلكتروني لمواجهة تحديات التعليم العالي من خلال :
1- التعرف على أهم تحديات التعليم العالي
 ٢- الكشف عن اتجاه العينة نحو فعالية التعليم الإلكتروني لمواجهة التحديات
 ٣- تحليل لأهم التحديات التي تواجه التعليم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي
 ٤- إبراز الوسائل المساعدة على تطبيق التعليم الإلكتروني.
استخدمت الباحثة الاستبانة أداة للدراسة، وشملت عينة الدراسة ١٥٢ من أعضاء هيئة التدريس في كل من جامعة أم القرى، وجامعة الملك خالد، ومن أهم نتائج الدراسة:
- تؤيد العينة بشكل كبير تطبيق التعليم الإلكتروني لمواجهة تحديات التعليم العالي.
- ضعف إعداد وتطوير مهارات هيئة التدريس في مجال استخدام التقنية الحديثة والتعليم الإلكتروني يؤثر على تطبيق التعليم الإلكتروني بفعالية.
- هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية فيما يتعلق بالوسائل المساعدة على تطبيق التعليم الإلكتروني بين كلية العلوم الاجتماعية في جامعة أم القرى وكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية والإدارية بجامعة الملك خالد لصالح الكلية الثانية .
- هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية فيما يتعلق بالوسائل المساعدة على تطبيق التعليم الإلكتروني بين كلية العلوم الاجتماعية في جامعة أم القرى وكلية اللغة وكلية الهندسة بجامعة أم القرى لصالح الكلية الثانية .